رأي المواطن/
منطقة بن مسيك في الدار البيضاء، التي لطالما كانت محط أنظار العديد من المواطنين بسبب كثافتها السكانية ووجود العديد من الأنشطة الاقتصادية بها، عادت في الآونة الأخيرة لتشهد ظاهرة مزعجة وهي عودة الأسواق العشوائية بشكل لافت. هذه الأسواق التي تملأ الشوارع الرئيسية والأزقة الضيقة، لم تعد مجرد حالة طارئة، بل أصبحت واقعًا يوميًا يعيشه السكان، مع ما يرافقها من فوضى وعرقلة لحركة المرور، واحتلال غير قانوني للملك العمومي.
السوق العشوائي يطفو على السطح مجددًا
رغم الجهود المبذولة من قبل السلطات المحلية في فترة سابقة لمكافحة الأسواق العشوائية في منطقة بن مسيك، إلا أن تلك الجهود لم تجد نفعًا. فالأسواق العشوائية التي كانت قد تم إزالتها في حملات سابقة، عادت إلى نفس الأماكن، بل زادت بشكلٍ ملحوظ في بعض الشوارع والأزقة، مما جعل المدينة تشهد ظاهرة فوضوية أخرى.
في قلب المنطقة، يملأ الباعة الأرصفة بالمعدات والسلع، ما يجعل المشاة غير قادرين على السير بشكل طبيعي، ويؤدي إلى صعوبة في التنقل بالنسبة للمواطنين ووسائل النقل، وهو ما يعطل السير في بعض الأحياء بشكلٍ مستمر. هذا الوضع يستمر على مدار اليوم، ويزداد تعقيدًا في أوقات الذروة، مما يسبب إزعاجًا كبيرًا للمواطنين.
احتلال الملك العمومي: تهديد للنظام العام
إن احتلال الملك العمومي في منطقة بن مسيك لم يعد مقتصرًا على الباعة العشوائيين فحسب، بل انتشرت الظاهرة بشكل أوسع لتشمل احتلال الأرصفة، الشوارع، والساحات العامة، التي يُفترض أن تكون ملكًا لجميع المواطنين. هذا الاحتلال يعيق حركة السير، ويعرض المواطنين لأخطار مرورية بسبب الفوضى التي تحدث في الطرقات. إضافة إلى ذلك، فإن غياب التنظيم يؤدي إلى تدهور البيئة الحضرية، وزيادة تراكم النفايات، ما يخلق بيئة غير صحية وغير مناسبة للعيش.
المسؤولون في دار غفلون
على الرغم من تحذيرات المواطنين ونداءات المجتمع المدني، لا يزال المسؤولون في منطقة بن مسيك يتجاهلون هذا الواقع المؤلم. فبدلاً من اتخاذ إجراءات حاسمة لوقف هذه الظاهرة، يبدو أن المسؤولين في “دار غفلون”، كما يراهم الكثيرون، في حالة من الجمود الإداري وعدم الاكتراث. حيث إن الحملات الأمنية التي يتم الإعلان عنها بين الحين والآخر لا تؤدي إلى نتائج ملموسة، بل تنتهي دائمًا بإعادة ظهور نفس الأسواق العشوائية بعد فترة قصيرة.
يتساءل الكثير من سكان المنطقة: لماذا تتكرر هذه الظاهرة رغم توفر الحلول؟ هل غياب التنسيق بين المصالح المختصة هو السبب؟ أم أن الإهمال والتقصير من جانب المسؤولين هو ما يفتح المجال لاستمرار الفوضى؟
الحلول المقترحة
لتفادي تفاقم هذه المشكلة، هناك ضرورة ملحة لتوفير أسواق منظمة ومتخصصة للباعة المتجولين في منطقة بن مسيك. ويجب على السلطات المحلية العمل بشكل حازم في تعزيز الرقابة على الأماكن العامة، ووضع حد للباعة الذين يحتلون الأرصفة والشوارع دون ترخيص. من جهة أخرى، يمكن العمل على تهيئة مناطق معينة داخل المدينة لاحتواء هذه الفئة، مع وضع آليات واضحة لضمان عدم التعدي على الملك العمومي.
من الضروري أن تتكامل جهود السلطات المحلية مع تعاون فعال من المواطنين، وذلك من خلال التوعية بأهمية الحفاظ على النظام العام واحترام حقوق الآخرين. وإذا ما تم تنفيذ هذه الحلول، يمكن أن تصبح منطقة بن مسيك نموذجًا يحتذى به في تنظيم الأنشطة الاقتصادية، وبالتالي ضمان حياة أكثر راحة لجميع سكان المدينة.
إذا استمرت هذه الظاهرة دون تدخل جاد وفعّال من المسؤولين، فإن منطقة بن مسيك ستظل تشهد تدهورًا في النظام الحضري، وهو ما يهدد سلامة المواطنين ويروّج للفوضى في شوارع المدينة.