حنان رحاب ومنظمة النساء الاتحاديات يتحدثان بصوت واحد في مناقشة تعديل المدونة الأسرية”

رأي المواطن/يونس واصيف

تم عقد نشاط إشعاعي وتواصلي هام بمدينة مكناس حول تعديل مدونة الأسرة من قبل الاتحاد الاشتراكي القوات الشعبية بحضور نخبة من الجمعيات النسائية والحقوقية والسياسية والأسرية، وتحت عنوان “مدونة الأسرة بين الثابت والمتغير إكراهات التطبيق”. تم مناقشة أهمية تعديل المدونة وانعكاساته على المستوى الاجتماعي والأسري.

وافتتح النشاط الكاتب الإقليمي وعضو المجلس الوطني للحزب، يوسف بلحوجي، وتحدث عن أهمية التعديل. وأعقب ذلك كلمة للكاتب الإقليمي وعضو المكتب السياسي للحزب الشاد، محمد ايتقي، الذي أشار إلى محورية القضية النسائية داخل الاتحاد الاشتراكي.

وجاء هذا النشاط في إطار فتح نقاش وطني حول المراجعة الشاملة لمدونة الأسرة، وتماشيا مع الفصل 19 من الدستور الذي يكرس مبدأ المساواة بين المرأة والرجل في الحقوق والواجبات وينص على المناصفة. ويهدف النشاط إلى بلورة رؤية حول المراجعة الشاملة للمدونة، وتحديد مدى توافقها مع القيم والمبادئ الوطنية والدولية المعتمدة.

أشارت حنان رحاب في مداخلتها إلى أهمية النقاش العام حول مشروع إصلاح المدونة، مؤكدة أن الهدف من النضال السياسي النسائي هو دمقرطة المجتمع وتجاوز العقبات الثقافية والفكرية والتعبيرية، وأن المدونة كقانون يرتب حياة الفرد في جميع مراحل حياته. وأشارت إلى أن المراجعة الشاملة للمدونة يجب أن تضمن التوازن الأسري والعلاقات المتكافئة والعادلة بين جميع الأطراف، وتحمي المجتمع. وشددت على أهمية التواصل كفرصة للإنصات والحوار المباشر مع مختلف فعاليات المجتمع، وذلك لبناء تصورات وقناعات مدينة تأخذ بعين الاعتبار انتظارات المجتمع. وأشارت إلى أنه يجب أن يتم تعديل المدونة ليتماشى مع رغبات المجتمع، وأن سقف التعديل يجب أن يساير نبض المجتمع فيما يتعلق بقضايا مثل تزويج القاصرات والحضانة والولاية الشرعية والمسؤولية المشتركة بين الزوجين ومسألة النفقة ومشكل السلطة التقديرية للقاضي في موضوع تحديد النفقة. كما اقترحت إحداث صندوق وطني لمشكل الحضانة لحماية الأم الحاضنة وطفلها من التحديات القانونية التي يمكن أن تؤثر عليهما اجتماعياً وذكرت المتحدثة أيضًا بأهمية منظمة النساء الاتحاديات في متابعة القضايا المرتبطة بالاغتصاب وزنا المحارم وإثبات البنوة والنسب ومنظومة الإرث والتعصيب.و مؤكدة في نهاية عرضها على اهمية هذا اللقاء ودوره في طرح القضايا التي تدعو إلى فتح النقاش المسؤول والهادف والموضوعي، وتؤكد على مبدأ الملامة المحققة للعدالة والإنصاف، متجنبة المزايدات المغلفة بالخلفيات المعطلة التي تمنع الانطلاق نحو المستقبل المنتصر للحداثة والرفض للنكلس الفكري والعقائدي.

أما المداخلة الثانية فألقاها الدكتور محمد عبد الوهاب رفيقي (أبو حفص)، حيث عبّر عن فخره وتقديره لدعوته من حزب كبير مثل حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية للمساهمة في تأطير هذه الندوة، برفقة الكاتبة الوطنية لمنظمة النساء الاتحاديات. وأكد رفيقي أن النقاش المفتوح حول التعديل المرتقب للمدونة هو نقاش صحي وإيجابي داخل المجتمع، حيث يهدف إلى تحقيق المصلحة العامة، خاصة فيما يتعلق بالأسرة والمجتمع.

وأشار رفيقي إلى أن المعاناة الحقيقية والقانونية والاجتماعية التي عانتها المرأة على مدى السنوات الماضية، تسببت في الضرر الكبير للمرأة والأسرة والمجتمع بأسره. وأوضح أنه لا يمكن الحديث عن موضوع ديني دون النظر إلى الواقع والتغيرات الاجتماعية التي تتطلب مسايرة الفكر الإسلامي للتطورات الحالية في المجتمع. وهذا يأتي من منطلق الاجتهاد الفكري والديني، الذي يتطلب الانفتاح على الواقع والتطورات، بدلاً من الانغلاق وزيادة المشاكل.

وأضاف رفيقي أن الاعتماد على الفقه الإسلامي في المدونة يمكن أن يؤدي إلى طرح مشاكل بعيدة عن الواقع، وخاصة عندما يتم الاعتماد على النصوص الفقهية التي كانت موجودة منذ 14 قرنًا، والتي لا تتماشى مع التطورات الحالية علميًا واجتماعيًا في قضايا مثل الإجهاض والبنوة.

وقد أشار  إلى أن معاكسة الأدلة العلمية من طرف النصوص الفقهية تعتبر مناهضة ومعاكسة للتطور، وهذا يزكي الطرح المؤكد على أن الإشكاليات المطروحة لها علاقة بمحتوى الفقه الإسلامي وليس مع الدين نفسه. وأوضح أن السياقات التاريخية والاجتماعية التي عاشها السلف لا تساير التطورات الحاصلة اجتماعياً وثقافياً، وأن النظام الفكري الذي أنتجته هذه النصوص كان متعصباً ضد المرأة. وبناءً على ذلك، كما أكد على الحاجة إلى إنشاء مدونة أسرية معدلة ومرتبطة بالواقع وتحولاته المسايرة للعصر بدلاً من البقاء عالقاً في المصطلحات القرون الوسطى التي تضرب في العمق مصالح الناس والمجتمع. وشدد على أن المشترك بين الديني والمدني يتطلب إرساء أرضيات فكرية وفقهية منفتحة على الواقع ومستنبطة منه كل الحلول الممكنة لإرساء مدونة تهدف إلى صون التماسك الاجتماعي من خلال مبدأ المساواة والرفض القاطع للإقصاء والصور التعطية والتعبيرية ضد النساء. وخلال النقاش حول العرضين، تفاعل الحضور مع الموضوع بإبداء ملاحظات وآراء تركزت حول أهمية تحديث الفهم الديني وتوافقه مع التحولات الاجتماعية والثقافية الحاصلة، وضرورة تصحيح بعض المفاهيم الخاطئة حول دور المرأة في المجتمع الإسلامي.”

Comments (0)
Add Comment