البوطيبي امحند وأحمد عاشور – رأي المواطن
حوالي الساعة الخامسة مساءً، سقطت الطفلة يسرى ووالدها في إحدى بالوعات الصرف الصحي التي اختفت تحت مياه الأمطار. وبينما نجح شباب الحي في إنقاذ الأب بوسائل بدائية، اختفت الطفلة داخل شبكة الصرف، ليجدها المواطنون لاحقًا جثة هامدة في وادي شراعة، بعد ساعات من البحث بأيدٍ عارية، وسط غياب واضح لفرق الإنقاذ المجهزة بالمعدات.
وأعرب حزب فدرالية اليسار الديمقراطي، في بلاغٍ له، عن “صدمته من تقاعس السلطات الإقليمية والمجالس المنتخبة”، مشيرًا إلى أن غياب علامات التشوير حول البالوعات المكشوفة، وعدم توفر معدات حديثة لفرق الوقاية المدنية، ساهما في تفاقم الكارثة. وأكد الحزب أن “الحادثة ليست مفاجئة”، بل هي نتيجة تراكم سياسات الإهمال لمشاريع الحماية من الفيضانات، رغم التحذيرات المتكررة للسكان.
وأثارت الحادثة موجة غضب على منصات التواصل الاجتماعي، حيث انتشر هاشتاغ #بركان_تغرق_أطفالها، مع فيديوهات تظهر خطورة البالوعات غير المؤمنة. من جهة أخرى، أبدى سكان حي جابر تضامنًا لافتًا، حيث انخرط العشرات في عمليات البحث رغم صعوبة الظروف، في مشهد يعكس فقدان الثقة في قدرة المؤسسات الرسمية على التدخل الفعّال.
وتعاني مدينة بركان من أزمات متكررة في مواسم الأمطار، بسبب سوء تخطيط قنوات الصرف الصحي، خاصة في الأحياء العشوائية. ففي عام 2022، لقي طفلان حتفهما إثر انهيار قناة مائية، دون أن تؤدي التحقيقات إلى محاسبة المسؤولين. هذه الحوادث تطرح تساؤلات حول جدوى المشاريع التنموية المكلفة، التي لا تراعي الأولويات الأساسية مثل حماية الأرواح.
وطالب الحزب في بلاغه بفتح تحقيق قضائي عاجل لتحديد المسؤوليات، ومحاسبة كل من تسبب في الإهمال، وفقًا لمبدأ “ربط المسؤولية بالمحاسبة” المنصوص عليه في الدستور. كما دعا إلى تسريع إنجاز مشروع الحماية من الفيضانات، الذي ظل حبرًا على ورق منذ سنوات، معتبرًا أن “تأخيره جريمة في حق الساكنة”.
فيما تنعي عائلة يسرى ابنتها، تظل المدينة أمام أسئلة ملحة: هل ستتحول هذه المأساة إلى نقطة تحول لإصلاح البنية التحتية؟ أم ستضاف إلى سلسلة كوارث طواها النسيان؟ الساكنة تنتظر إجابة فعلية، بعيدًا عن الوعود السياسية التي طالما خيبت آمالهم.