رأي المواطن/
نظمت اللجنة المؤقتة لتسيير شؤون قطاع الصحافة والنشر بعد زوال يوم الأربعاء السادس والعشرين من شهر فبراير 2025، ندوة بمدينة الدار البيضاء حول موضوع تجارب الهيئات المهنية في تدبير قضايا الأخلاقيات، أطرها بمداخلات هامة ممثلون عن هيئات دستورية ومهنية، من المجلس الأعلى السلطة القضائية، والهيئة الوطنية للطبيبات والأطباء،وهيئة المحامين بالدار البيضاء، ولجنة أخلاقيات المهنة وقضايا التأديب داخل اللجنة المؤقتة لتسيير شؤون قطاع الصحافة والنشر، وحضرها محامون وباحثون وصحافيون وناشرون.
وفي بداية الندوة ألقى رئيس اللجنة المؤقتة، يونس مجاهد، كلمة ذكر فيها بالهدف من تنظيم هذا اللقاء، حيث قال “إننا في حاجة إلى أن نتعرف على تجارب أخرى لتقييم تجربة المجلس الوطني للصحافة، وفي نفس الوقت ندخل في مناقشات، لتطوير هذا العمل في مجال الأخلاقيات وتنظيم المهن. وهنا، لابد من أن أذكر أنه منذ القدم، كانت المهن والحرف منظمة ولها أخلاقيات. وهذا يعني أننا لسنا أمام أمر جديد، فكل مهنة لها أخلاقياتها الخاصة، لأنها تعمل لصالح المجتمع، لا لصالح أفرادها. فمختلف الهيئات المهنية عليها أن تستحضر مبدأ المسؤولية الاجتماعية”.
وأضاف “لابد أن أقول إن هذه هي تجربتنا الأولى في التنظيم الذاتي في الصحافة، ومن الطبيعي أن هذه التجربة تحتاج إلى وقفة تأمل، ولذلك ينبغي مراجعتها، على ضوء التجارب الدولية التي درسناها في اللجنة المؤقتة، وكذلك على صعيد التجارب الوطنية التي سنناقش جزءاً منها اليوم. إذن، الهدف هو كيف نطور ممارسة الأخلاقيات في قطاع الصحافة، وكيف نطور التنظيم الذاتي، وكيف نكون عند حسن ظن المجتمع. لأننا لا نعمل لأنفسنا، بل نعمل من أجل المجتمع. الصحافة بدون أخلاقيات هي صحافة تجارية رخيصة، صحافة ابتزاز، صحافة سب وقذف”.
كما ألقى مصطفى أمدجار، مدير الاتصال والعلاقات العامة، بقطاع التواصل، كلمة باسم وزير الشباب والثقافة والتوصل، محمد المهدي بنسعيد.
وقدمت عروض هامة في هذه الندوة، التي أدارتها فاطمة الزهراء الورياغلي، نائبة رئيس اللجنة المؤقتة، حيث تدخل محمد سلهامي، رئيس لجنة أخلاقيات المهنة والقضايا التأديبية، باللجنة المؤقتة، حول تجربة هذه اللجنة، وخالد الحري، عضو اللجنة المؤقتة، حول الإطار القانوني لأخلاقيات مهنة الصحافة، وحميد ساعدني، عضو اللجنة المؤقتة، حول حصيلة لجنة الأخلاقيات، وعبد اللطيف طهار، رئيس لجنة الأخلاقيات ودعم استقلال القضاء، بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية، حول تجربة هذا المجلس، وطارق زهير، عضو مجلس هيئة المحامين بالدار البيضاء، حول تجربة المحامين في معالجة ملف الأخلاقيات، والسيد نجيب أمغار، الكاتب العام للهيئة الوطنية للطبيبات والأطباء، حول تجربة الهيئة في موضوع الأخلاقيات والتحديات والصعوبات التي تواجهها.
وبعد أن نوهت الندوة بالإعلان الصادر عن الجمعية الوطنية للإعلام والناشرين، الذي يتعلق باعتماد مدونة سلوك خاصة بمديري النشر والصحافيين والعاملين، الذين يشتغلون في المقاولات المنضوية تحت لوائها، مستمدة من ميثاق أخلاقيات المهنة المعتمد من طرف المجلس الوطني للصحافة ومن ميثاق هذه الجمعية وتراكماتها المهنية والأدبية، وكذا من مقترح مدونة السلوك الصادر عن اللجنة المؤقتة لتسيير شؤون قطاع الصحافة والنشر.
وبعد المناقشات البناءة والغنية، تم استخلاص التوصيات والاقتراحات التالية:
1 / ضرورة الالتزام الكامل والمطلق بميثاق أخلاقيات المهنة ومدونة السلوك، ومساهمة الهيئات التمثيلية للمهنيين، في احترام أخلاقيات الصحافة، والالتزام بمدونة حسن السلوك بين المهنيين أنفسهم وباقي أطراف المجتمع، والعمل داخل مختلف هذه التنظيمات على إشاعة روح التضامن والتآزر بين الزميلات والزملاء، وعدم الإساءة إليهم، ووضع الآليات التأديبية لاحترام الأخلاقيات وحسن السلوك.
2/ التأكيد على أن القوانين وحدها لا يمكن أن تكون كافية لضمان احترام أخلاقيات المهنة في الممارسة، بل لابد من إعمال سلطة الضمير المهني، و لابد أيضا من تكثيف برامج التكوين والتأطير واقتناع العاملين في القطاع بمبادئ و قيم أخلاقيات المهنة و تشبعهم بها ، وامتثالهم لأبعادها و لمقاصدها.
3/ أهمية الاطلاع على تجارب التنظيم الذاتي لمهن مماثلة كما هو الشأن بالنسبة إلى القضاة والمحامين والأطباء والمهندسين والصيادلة والموثقين بهدف الاستفادة منها، والانفتاح على مختلف تجارب التنظيم الذاتي في مهنة الصحافة و الإعلام في العالم ،خصوصا في التجارب المماثلة .
4/ ضرورة تعديل منظومة قوانين الصحافة والنشر خصوصا القانون رقم 90.13القاضي بإحداث المجلس الوطني للصحافة في ضوء الاختلالات والإشكاليات التي أبانت عنها تجربة التأسيس، خصوصا ما يتعلق بالجوانب المسطرية وتنفيذ القرارات الخاصة بأخلاقيات المهنة.
5/ التأكيد على تحقيق وضمان المعادلة المنصفة بين قدسية حرية الصحافة والنشر والتعبير وحقوق الأفراد والمجتمع، بحيث يتحقق التكامل والانسجام، لتكون حرية الصحافة والنشر والتعبير في خدمة المصالح العامة للمجتمع وليس ضارة بها و مهددة إياها.
6/ تبسيط الولوج إلى لجنة أخلاقيات المهنة و قضايا التأديب بما يتيح للأفراد والجماعات والمنظمات والهيئات والإدارات، تقديم شكاياتهم وتظلماتهم وضمان سرعة البت فيها، وإلزامية ضمان آلية سريعة وفعالة لتنفيذ قرارات لجنة أخلاقيات المهنة والقضايا التأديبية،ليس فقط فيما يتعلق بتنفيذ القرارات، ولكن أيضا بالنسبة إلى حذف المواد التي تكون موضوع الشكاية بعد ثبوت خرقها للقانون ولميثاق أخلاقيات المهنة و لمدونة السلوك.
7/ إنجاز دراسة شاملة ومعمقة لحصيلة عمل لجنة أخلاقيات المهنة والقضايا التأديبية منذ إحداث المجلس الوطني للصحافة، و تسطير برامج عمل تهم التكوين وتنمية المعارف للصحافيين وللصحافيات، وإحداث آليات متفرعة عن لجنة الأخلاقيات و القضايا التأديبية تحقق تجويدا فعليا لعمل اللجنة، كما هو معمول بها في تجارب أخرى.
8/ اعتماد إستراتيجية شاملة فيما يتعلق بمعالجة القضايا والنزاعات المتعلقة بأخلاقيات العمل الصحافي تستند إلى مقاربات تحسيسية، ذات بعد استباقي ومقاربة تأطيرية بخلفية المواكبة ومقاربة تأديبية، وإعطاء الأفضلية و الأهمية للبعد المعنوي للقرارات التأديبية عوض الأبعاد الزجرية العقابية.
9/ التنبيه إلى ظاهرة انتحال صفة صحافي من طرف أشخاص لا علاقة لهم بها، وما يقترفونه من خروقات في قضايا الصحافة والنشر خاصة أن المجتمع والرأي العام لا يميز و لا يفرق بين المهنيين الحقيقيين ومنتحلي الصفة المهنية والمتطفلين عليها ، وينسب الرأي العام تلك الخروقات ظلما إلى المهنة والمهنيين .
10/ تنظيم الولوج إلى مهنة الصحافة ووضع حد لمظاهر التسيب، بما في ذلك النظر في ولوج المهنة لأشخاص أنهوا مساراتهم المهنية في قطاعات أخرى.
11/ إدماج أخلاقيات المهنة كمادة رئيسية في معاهد التكوين والدراسة في مجال الصحافة والإعلام عموما، واعتماد التربية على الإعلام في المناهج الدراسية لتربية مختلف الأجيال على التعاطي مع الصحافة وخاصة مع التكنولوجيات الحديثة في التواصل واستعمالات الذكاء الاصطناعي.
12/ تكثيف برامج العمل المشترك بين مختلف هيئات التنظيم المهني، خصوصا هيئات القضاء والمحامين والأطباء بالنظر إلى تشابه منظومة القيم والمسؤولية المشتركة تجاه المجتمع.
13/ إثارة الانتباه إلى أن القرارات التأديبية التي يصدرها المجلس الأعلى للسلطة القضائية تكون قابلة للنشر رغم حساسية قطاع القضاء بما يضفي الشفافية ويحقق الردع المعنوي، كما أن القرارات في قطاعات القضاء والمحاماة والطب تصل حد التشطيب والعزل و الإيقاف، مما يستدعي مراجعة القانون المحدث للمجلس الوطني للصحافة الذي يقيد نشر العقوبات التأديبية .
14/ التفكير في صياغة مدونة أخلاقية موحدة بين المهن المماثلة (الطب، المحاماة ، الصيادلة، المهندسون المعماريون، المهندسون الطوبوغرافيون، الموثقون، الصحافة) تحدد القواعد العامة بالنسبة للأخلاقيات المهنية بما يضمن سمو الوازع الأخلاقي في الأداء المهني، و إحداث لجنة تنسيق خاصة بهذه المهمة.