نجيم عبد الاله وبنجمة ادريس اول كشافة بالمغرب يحتفلون يوم 3مارس 1976 باول عيد للعرش،بعد تحرير الصحراء المغربية
دكريات المسيرة الخضراء المضفرة
كنت في ذلك التاريخ لم أتجاوز الرابعة والعشرين من عمري.. أتوقد وطنية, وفخرا بآبائنا وأجدادنا الذين ساهموا في تحرير الوطن..
وفي نفس الوقت أتأسف على فرص النضال الوطني التي ضاعت منا بحكم السن ا لدي لم يترك لنا فرصا للمساهمة كباقي الأبطال في تحرير بلادنا، لكن ملكنا المفدى طيب الله ثراه, أبي إلا أن يربط التاريخ بحلقاته الذهبية بعضها ببعض, وهكذا قدم في طبق من ذهب فرصة لجيل السبعينات حتى يكون له الشرف كآبائه وأجداده ويساهم عبر المسيرة الخضراء في تحرير جزء مغتصب من أرضه الغالية.
سمعنا النداء يا مولاي… ولبيناه فريحين مستبشرين, سمعنا النداء وفر النوم من أجفاننا منتظرين ساعة الانطلاق, في صباح اليوم التالي من نداء صاحب الجلالة بعثت نداء أذيع عبر أمواج الإذاعة أدعو فيه جميع أفراد منظمة الكشاف الحر الإسلامي للإسراع من أجل التطوع للمسيرة كل حسب مدينته أو الاتصال بمقر القيادة, بالدار البيضاء بقرية الجماعة. وتوافد على مكتب المنظمة العشرات وبلغ عدد المسجلين حوالي مائة كشاف وجوال كلهم أبدو حماسا واستعدادا للتطوع والمساهمة في التنظيم وتقديم الخدمة للمتطوعين.
المقاطعة11 بن امسيك سيدي عثمان كانت بوابة النضال الوطني.
كانت مقاطعة سيدي عثمان وقرية الجماعة (حاليا أصبحت مستشفى) تعج بالمتطوعين رجال ونساء وكانت هذه المقاطعة بمثابة عمالة قبل التقسيم الإداري وكان القائد بالعربي بلحيته السوداء الكثة ولباسه العسكري, وقامته الفارعة وصوته الجوهري يمثل رمزا للشباب بتحريضه وتوجيهيه وحماسه واندفاعه الوطني الصادق, كنا نجده مرابطا صباح مساء حتى منتصف الليل, ونحن نسجل الشباب للتطوع, كان بعض الصبية يبكون لصغر سنهم الذي لم يسمح لهم بالمشاركة وكان هذا هو جنون الوطنية أو الهوس المقدس لتلبية النداء الملكي الذي جعل الجميع يقول لبيك يا وطني.
اجتزنا الحدود الوهمية ودسنا بأقدامنا على الأسلاك غير مبالين.
جاء نداء صاحب الجلالة, الذي اتخذ من مراكش عاصمة للمملكة, ليربط التاريخ ويحي أمجاد محمد الخامس ويوسف بن تاشفين…
وعبر أمواج الأثير وشاشة التلفاز كان الملك والقائد والزعيم يوجه 350 ألف متطوع ومتطوعة ومعه قلوب 20 مليون مغربي تشارك بالأرواح والأكباد… انطلقت مواكب وفرسان النصر في اتجاه مراكش ثم أكاد ير وطرفاية.. وكنا كالعريس ليلة دخلته أي مدينة دخلناها. نستقبل بالزغاريد والأفراح والأهازيج يشيعنا الجمهور إلى النصر القريب.. ومن طرفاية كان الزحف الأخضر يرفع راية المسيرة الخضراء مكسرا الحدود والحواجز الوهمية مرددا الله. الوطن. الملك المسيرة أدت مهمتها وعدنا ظافرين ومنتصرين..
بعد دخولنا للصحراء واجتيازنا مركز (بطاح) ووقوفنا على مشارق الداورة عاد النداء الملكي مرة أخرى ووراء الملك القائد والأب لكل متطوع, مبشرا الجميع أن المسيرة أدت مهمتها وصحراءنا ردت لنا.
وعلى المتطوعين العودة بنظام و انتظام بمثل ما انطلقوا به, فعدنا كمرحلة أولى إلى ضفاف المحيط الأطلسي بشواطئ طرفاية, للراحة وهكذا حطت القوافل رحالها ودقت الخيام لتشكل خلال ساعات مدينة فوق رمال الصحراء تغطيها السماء ويرعاها الله تعالى.
أكبر حفل ينظم فوق الرمال نظمته الكشفية الحرة الإسلامية، قبل العودة
خلال تلك الاستراحة وتعبيرا منا على الفرحة العارمة, نظمت منظمتنا حفلا بهيجا أوقدت من خلاله الشموع مستعينين بقرارات الزيت البلاستيكية كفوانيس منيرين بذلك عتمة الصحراء وراسمين فوق رمالها التاج الملكي وشعارنا الخالد الله الوطن الملك, وقد شارك المتطوعون بتلقائية وكانت الخشبة عبارة عن شاحنة مجرورة والفنانين, منهم سكينة من جيل جيلالة, والممثل البزيوي وبعض الرياضيين في الكراطي والملاكمة وآخرون في الغناء والطرب, كانت بحق حفلة لن ننساها, ولن تطويها الذكريات,
شهادات واعتز وافتخر بها
كتبنا تقريرا بعد نهاية الحفلة وقع عليه ضباط وقيادة ومفتشو شرطة, وهم على التوالي, قائد ومفتشو الشرطة وهم على التوالي قائد المقاطعة 15 السيد بوشعيب, قائد مقاطعة 10 السيد بوهلال, قائد مقاطعة 7 السيد السنوسي, القبطان شكوس, الفسيان كوريدا, عبدالكريم الروداني, مفتش الشرطة مصباحي محمد, والسمونات محمد, ضباط الصف البحرية الملكية بلحاج والمؤذن مبارك.
وخلال المسيرة كنا ملازمين لمفتشي الشرطة السمونات محمد والمصباحي والجميع كأطر تابعة للمقاطعة العاشرة تحت إمرة القائد بوشعيب بوهلال أنداك ، كانت عيوننا متقدة ، وعلى قدر المسؤولية الملقات على عاتقنا
أول منظمة كشفية تشارك في عيد العرش سنة 76 بالعيون المحررة.
بعد عودتنا من الصحراء المغربية لم يهدأ لنا بال وقررنا الذهاب إلى العيون وتنظيم مسيرة كشفية لنشفي الغليل الوطني حيث أن عودتنا بقيت فيها حسرة عدم الدخول إلى مدينة العيون, وهكذا نظمنا تجمع بدار الشباب بن امسيك وأعلنت فيه عن الرغبة في الاحتفال بأول عيد العرش بالصحراء بعد استرجاعها.. وكان ذلك يوم 20 فبراير 76 ولقلة الإمكانيات المادية أخذت معي طليعة من الكشافة والجوالة, وأعلنت للباقي بموعد للقاء بطانطان يوم فاتح مارس 76 الذي يستطيع القدوم معتمدا على إمكانياته’ وبعد وصولنا شكلنا 16 فردا من المنظمة متوكلين على الله, حيث دخلنا العيون يوم 2 مارس 76 وشاركنا إخواننا وأشقائنا المغاربة الصحراويين فرحة عيد العرش الكبرى.
للأجيال القادمة للتاريخ
نجمي ادريس ومصباح عبدا لمجيد أول كشافة يدخلون للعيون قبل رحيل الجيش الأسباني وذلك خلال شهر فبراير مقتحمين المجهول اتجاه الصحراء وكانت ارتسامهم عن المدينة وحفاوة الاستقبال حافزا لنا للقيام برحلة عيد العرش 76.
كما قام مفتش الكشافة مبارك أقديم من المنظمة برحلة ثانية خلال عيد الشباب ليمثل الكشاف الحر الإسلامي.
إن حماس المغاربة وحبهم لوطنهم واستعدادهم للتضحية من أجله سيبقى عبره للتاريخ وللأجيال القادمة حتى يبقى المغرب مفتخرا جيلا بعد جيل بتاريخه , وسانحا الفرصة لكل غيور على وطنه ليؤدي واجبه الوطني المقدس اتجاه الله الوطن والملك.
رجال الأمن والوطنية
وتعود بنا الذاكرة للوراء حيث كان معي قي نفس الرحلة رجل الأمن السمونات محمد الذي كان يتسم بحسن الأخلاق والمعاشرة والحرص على المتطوعين وأمنهم وراحتهم لقد كانت بحق أواصر من الأخوة زرعها فينا ملكنا الحسن الثاني رحمه الله