عبد الحق المريني… حين يرحل المؤتمن على ذاكرة الوطن

بواسطة : عنكر براهيم

 

أسدل الستار على حياة أحد أبرز رجالات الفكر والمؤسسات في المغرب، برحيل عبد الحق المريني، مؤرخ المملكة والناطق الرسمي باسم القصر الملكي، عن عمر ناهز 91 عامًا، بعد مسيرة طويلة من العطاء الأكاديمي والوطني والإنساني.

 

من مدينة الرباط انطلق، وفي رحاب الجامعة المغربية تخرّج، حاملاً شهادة الإجازة في الأدب العربي، ثم دكتوراه الدولة في الآداب من جامعة فاس. لكنه لم يكتف بأن يكون أستاذًا جامعيًا أو باحثًا أكاديميًا، بل ارتقى ليكون صوت التاريخ الرسمي للمملكة، وسادنًا لذاكرتها المخزنية والسياسية.

 

عيّن مؤرخًا للمملكة وناطقا رسميًا باسم القصر الملكي، فكان بمثابة عدسة موثوقة ترى من خلالها الدولة المغربية ماضيها وتوثّق حاضرها، بصيغة رصينة ولغة لا تخلو من هيبة المؤسسة وهيبة الحرف.

 

أثرى المريني المكتبة الوطنية والعربية بعدد من المؤلفات المرجعية، على رأسها كتابه الشهير “الجيش المغربي عبر التاريخ”، إضافة إلى مساهماته في توثيق سيرة الدولة العلوية وتقاليد الحكم المغربي، وأدب البلاط، والتاريخ السياسي في سياق ثقافي ممتد.

 

كان حاضرًا في الندوات الكبرى، كما في الجلسات الخاصة التي يُصنع فيها القرار، وظل طوال حياته يجمع بين الأمانة العلمية والإخلاص للمؤسسة، وبين الولاء للثقافة والتاريخ.

 

برحيله، خسر المغرب أحد أبرز حراس الذاكرة الوطنية، وأحد القلائل الذين عاشوا في الظل ليضيئوا للآخرين الطريق. لم يكن مجرد كاتب للتاريخ، بل أحد صُنّاعه، بقلمه وشهادته وموقفه.

 

وداعًا عبد الحق المريني… لقد أوفيت بالأمانة، ودوّنت صفحات هذا الوطن بلغة الوفاء والعقل والتبصّر.

 

 

اترك رد