التعريف بكتاب : “المنتقى في المنازعات الشغلية على ضوء الفقه والعمل القضائي”


الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، و الصلاة و السلام على أشرف المرسلين و على آله و صحبه أجمعين. و بعد:
يسرني أن أقدم إلى القارئ الكريم مجموعة من المواضيع التي كانت أولى كتاباتي في قانون الشغل، حاولت من خلالها سبر أغوار مجموعة من الاشكاليات التي تهم المنازعات الشغلية، مستحضرة في ذلك النصوص التشريعية و اجتهاد القضاء و رأي الفقه سواء منها الوطنية أو المقارنة، و معززة بملحق يضم أحكام القضاء و بعض القوانين المستجدة في هذا الاطار.
و لا يخفى علينا أن المقتضيات المتعلقة بقانون الشغل كانت متفرقة إلى أن شاءت إرادة المشرع ان يجمعها في إطار مدونة واحدة، حاول من خلالها ان يتطرق -ما أمكن- إلى مجموعة من القواعد التي تحكم علاقات الشغل الفردية و الجماعية.
و لما كان تخصصي في الدراسات العليا هو قانون الشغل في إطار وحدة قانون الشغل و التحولات الاقتصادية و الاجتماعية فإني وجدت نفسي متشوقة للكتابة في هذا الفرع من فروع القانون. و هذه الكتابات هي محاولة يسيرة مني في قانون الشغل التي قلّت فيه الكتابات الفقهية رغم أنه يعتبر من أهم فروع القانون الخاص على الاطلاق، و الذي يتميز بحداثة قواعده إذ لم يستقل عن قواعد القانون المدني إلا في أوائل القرن التاسع عشر.
و تظهر أهمية الكتابة في قانون الشغل انطلاقا من المجال الذي يؤثر فيه، و ما يترتب عنه في كثير من الأحيان من نزاعات تتطلب التوفيق بين طرفي العلاقة الشغلية، حفاظا على المقاولة و دعما للاقتصاد الوطني و تشجيعا للاستثمار الاجنبي.
و قد خصصت هذه الدراسة لمناقشة عشرة مواضيع تتعلق ب:
مسطرة الصلح في المادة الشغلية
حدود سلطة قاضي الشغل في التفسير
حرية الاثبات في المادة الشغلية
جزاء مخالفة النظام العام في قانون الشغل
تغيير المركز القانوني للمشغل و أثره على استقرار عقود الشغل
حقوق الأجراء في نظام صعوبات المقاولة
الأدوار الاجتماعية و الاقتصادية للسنديك في مسطرة معالجة صعوبات المقاولة
حقوق الأجراء القاصرين في مدونة الشغل
رقابة تنفيذ المقتضيات المتعلقة بتشغيل الأجراء القاصرين
قراءة في القانون رقم 19.12 بتحديد شروط الشغل و التشغيل المتعلقة بالعاملات و العمال المنزليين.

لقد حرصت على أن يكون إصداري “المنتقى في المنازعات الشغلية على ضوء الفقه و العمل القضائي” متكونا من مجموعة من الأبحاث و الدراسات التي كانت أولى كتاباتي في قانون الشغل، وآمل أن يكون هذا المؤلف مرجعا للباحثين و المهتمين بالمادة الشغلية على اختلاف مشاربهم و تنوع مدارسهم الفكرية والعلمية.
إننا أومن بأن كل عمل يكون مصيره النقصان ما لم يتصل بتنقيحات المختصين، ليكون بذلك هذا المؤلف بداية يحتمل تعديلات ترتقي بالمادة الشغلية . و من هنا اناشد المهتمين بهذه المادة بمدي باقتراحاتهم و آرائهم و أفكارهم في الموضوع.
إننا أسعى من خلال هذه الدراسة إلى بسط أهم المواضيع التي يحتاجها الدارس لقانون الشغل انطلاقا من مسطرة الصلح في المادة الشغلية، و معرفة حدود سلطة القاضي في التفسير في هذه المادة، مرورا ببسط قواعد الإثبات، و كشف خبايا النظام العام الذي هو ليس واحدا بل متغيرا في هذا النوع من القوانين، وصولا إلى معرفة مصير عقود الشغل سواء إثر تغيير المركز القانوني للمشغل، أو عند مرور المقاولة بصعوبة اقتصادية، و بيان الأدوار الاجتماعية و الاقتصادية للسنديك خلال هذه المسطرة، دون أن نغفل التطرق لحقوق الأجراء القاصرين في مدونة الشغل، و مراقبة تنفيذ المقتضيات القانونية المتعلقة بهذه الفئة، وأخيرا إجراء قراءة في القانون رقم 19.12 المتعلق بتحديد شروط الشغل و التشغيل المتعلقة بالعاملات و العمال المنزليين.
لقد استهدفت من خلال هذا المؤلف تيسير العمل على الباحثين في قانون الشغل بمقاربة مجموعة من المواضيع النوعية، مبتغانا أن يلقى ترحيب المتلقي والمهتم و الباحث في قانون الشغل، على أمل ألا يجفّ الحبر للكتابة في هذا القانون، الذي كان موضوع دراستي بالدراسات العليا في إطار وحدة قانون الشغل و التحولات الاقتصادية والاجتماعية بل بداية أستتبعه بأجزاء أخرى.
و في الختام أسال الله عز جلاله أن يجعل هذه الدراسة خالصة لوجهه، إنه نعم المولى و نعم النصير، عليه توكلت و إليه أنيب، و على الله فليتوكل المتوكلون.

اترك رد