ابن جرير.. حكامة أمنية راشدة ترسخ الثقة وتؤسس لشراكة مجتمعية في حفظ النظام والاستقرار

رأي المواطن-مراد مزراني

برزت مدينة ابن جرير خلال السنوات الأخيرة كنموذج وطني في تدبير الشأن الأمني بعقلانية ومسؤولية، بفضل المقاربة الميدانية المتبصّرة التي تنهجها المنطقة الإقليمية للأمن تحت إشراف السيد الحاج بشتاوي، رئيس المنطقة، الذي أرسى دعائم حكامة أمنية راشدة قائمة على الصرامة في التطبيق، والإنصات في التدبير، والتنسيق في الميدان.

تقوم هذه المقاربة على رؤية استباقية تجمع بين الوقاية والزجر، والحوار والحزم، في انسجام تام مع التوجيهات الملكية السامية التي تجعل من الأمن قيمة مواطِنة، ورافعة للتنمية الاجتماعية. وقد نجحت المدينة بفضل التنسيق الدائم بين الأمن الوطني والسلطات المحلية والقوات المساعدة في إرساء مفهوم “الأمن القريب من المواطن”، كآلية ناجعة للوقاية من الانزلاقات وتحصين الفضاء العام.

وقد أثبتت الأحداث التي عرفتها المدينة بتاريخ فاتح أكتوبر 2025 فعالية هذه المنظومة، حيث جرى احتواء حالات تجمهر محدودة باحترافية عالية وتنسيق محكم، دون تسجيل أي تجاوزات، في مشهد يعكس نضج الأجهزة الأمنية ووحدة القرار الميداني. لقد كان التدخل هادئاً ومنضبطاً، جسّد الأمن في بعده الإنساني قبل القانوني.

وفي أعقاب تلك الأحداث، انعقدت جلسة قضائية بالمحكمة الابتدائية بابن جرير زوال الثلاثاء للنظر في ملفات 30 شخصاً متابعين على خلفية الواقعة، من بينهم 19 في حالة اعتقال و11 في حالة سراح. وقد قررت الهيئة تأجيل ملفات القاصرين (17 معتقلين و6 متابعين في حالة سراح) إلى 9 أكتوبر 2025، فيما تم تأجيل ملف الراشدين (اثنان معتقلان و5 في حالة سراح) إلى 13 أكتوبر 2025، ضماناً لشروط المحاكمة العادلة وصون حقوق الدفاع.

وفي موازاة المسار القضائي، انخرطت فعاليات المجتمع المدني وجمعيات آباء وأولياء التلاميذ في لقاءات تواصلية وتوعوية مع السلطات الأمنية والإدارية، ركزت على التربية على المواطنة والاحترام المتبادل ونبذ العنف. هذه الدينامية المجتمعية المشتركة أسهمت في تعزيز الوعي لدى الناشئة وتثبيت الثقة بين الأسرة والمدرسة والأمن، لترتقي المدينة إلى فضاء آمن ومتعاون يحمي أبناءه بالقيم قبل القوانين.

إنّ تجربة ابن جرير تُجسد بعمق التحول النوعي في مفهوم الأمن العمومي بالمغرب، من سلطة رادعة إلى مؤسسة تواصلية تشاركية، تُؤمن بأن الأمن الحقيقي هو ذلك الذي يُبنى بالثقة ويُصان بالعدل ويستمر بالوعي والمسؤولية، في ظل الرؤية الملكية الرشيدة لجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيّده.

اترك رد